وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ في عالم تتعاظم فيه الحاجة إلى الطاقة وتتصاعد فيه التحديات البيئية والاقتصادية، يصبح امتلاك التقنية النووية للأغراض السلمية حقًا مشروعًا لكل دولة تسعى للنهوض باقتصادها وتحقيق الرفاه الاجتماعي لشعبها. وفي هذا السياق، تبرز إيران كدولة تمتلك الإمكانات والكوادر العلمية التي تؤهلها لتطوير برنامج نووي مدني، يشكل ركيزة استراتيجية لتنمية مستدامة واقتصاد متوازن.
إن من حق إيران، كغيرها من الدول، أن تطور تقنيتها النووية لأغراض سلمية، مثل توليد الكهرباء، دعم القطاع الطبي، وتحلية المياه. هذا الحق مكفول في معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، التي تؤكد في نصوصها على حق الدول الأعضاء في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، مقابل التزامها بعدم تطوير أسلحة نووية. إيران عضو في هذه المعاهدة، وقد صرحت مرارًا بعدم سعيها لامتلاك سلاح نووي، وأكدت التزامها بضوابط الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
غير أن المقاربة الدولية القائمة على التهديد والوعيد، بدل الحوار والتفاهم، تعطي إشارات خاطئة. فحين تُحاصر دولة بسبب حق مشروع، وتُواجه بالعقوبات بدل الشراكات، يُزرع الشك، وتُفرض عليها تحديات أمنية واستراتيجية قد تُجبرها على مراجعة عقيدتها. إن هذه السياسات لا تخدم الأمن، بل تقوضه، وتُديم أجواء التوتر وعدم الثقة.
إيران، من جانبها، تستند في موقفها إلى الفقه الشيعي الذي يُحرّم ويحظر استخدام أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية. وقد صدرت فتاوى واضحة من أعلى مراجعها الدينية تؤكد هذا الموقف المبدئي. فالعقيدة النووية الإيرانية لا تقوم على التهديد أو الردع النووي، بل على التزام ديني وأخلاقي ضد هذه الأسلحة التي تمثل تهديدًا للبشرية جمعاء.
وعليه، فإن دعم الحق الإيراني في امتلاك التقنية النووية السلمية ليس فقط اعترافًا بحق سيادي، بل هو أيضًا واجب على كل من يسعى إلى الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. إن تعزيز ثقة الشعوب بأن القانون الدولي يُطبّق بعدالة، وبأن الحقوق لا تُنتزع بالقوة، بل تُحترم بالحوار، هو حجر الأساس في بناء عالم أكثر أمنًا وسلامًا.
ختامًا، ينبغي على المجتمع الدولي أن يعيد النظر في مقاربته للملف النووي الإيراني، وأن يضع في اعتباره أن المساندة الصادقة للحق المدني هي الضمان الحقيقي لمنع الانحراف نحو أي استخدام غير سلمي. فالتفاهم لا التهديد، والدبلوماسية لا العقوبات، هي الطريق إلى السلام الدائم.
جليل هاشم البكاء
.....................
انتهى / 323
تعليقك